Banner 468

Facebook
RSS

وسائل تربية الأولاد ( 13 ) القواعد الأساسية في التربية

-
هيـــــــــــمــا ( إبراهيــــــــــم عبدالله قاسم )




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
لا زلنا في سلسلة دروس تربية الأولاد في الإسلام ، ولا زلنا في القسم الثاني في الوسائل الفعالة في تربية الأولاد ، وقبل رمضان كنا في موضوع الربط ، ربط الطفل بدينه ، ربطه بقرآنه ، ربطه بالمسجد ، ربطه بالمرشد الرباني ، ربطه بالصحبة الصالحة ، واليوم ننتقل إلى ربط الولد بالدعوة والداعية .




أيها الأخوة الكرام من أجل أن ترى جيلاً يحمل همَّ المسلمين ، من أجل أن ترى جيلاً يحمل همَّ أمته ، من أجل أن ترى جيلاً يخرج من ذاته إلى الخلق ، هناك نموذج معاصر هو إفراز تراكمات كثيرة ، النموذج المعاصر تراه صارخاً في الغرب ، وموجوداً في الشرق ، الإنسان همه شهوته ، همه دخله ، همه مصلحته ، ولا يعبأ بأحد ، هذا الإنسان لا يمكن أن ينصر أمته ، ولا أن ينهض بمجتمعه ، ولا أن يحمل همَّ المسلمين ،  ولا أن يكون عنصراً فعالاً في رقي أمته ، إفرازات التربية السيئة ، إفرازات التربية التي لا تعتني بالقيم الإسلامية ، إفرازات التربية العلمانية ، إفرازات التربية التي ألفها أهل الكفر ، هذه التربية تفرز إنساناً لا ينتمي إلا لنفسه ، لا ينتمي لأحد إطلاقاً ، هذا النموذج كما قلت قبل قليل تجده صارخاً في الغرب .
أضرب لك مثلاً : إنسان مضطجع تحت شجرة تفاح ، والمثل تركيبي ، رأى تفاحة زاهية اللون في أعلى الشجرة ، وبيده منشار كهربائي فمن أجل أن يأكل هذه التفاحة قطع جذع الشجرة وأخذ التفاحة وأكلها ، همه هذه التفاحة ، أما قطع الشجرة وإلغاء خيرها فهذا لا يهمه .
الإنسان إذا ربي تربية علمانية ، أو ربي تربية مادية ، أو ربي تربية على نمط أهل الغرب لا يهمه إلا ذاته ، لا يهتم بأحد ، هذا الشعار رفعه من ؟ رفعه نيرون ، قال : من بعدي الطوفان ، والذي همه نفسه ، وهمه دخله ، وهمه مصلحته ، لا يمكن أن تقوم أمة على هذا النموذج ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :
(( من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له )).
[الترمذي عن أنس والطبراني عن ابن عباس]
إن أردت لهذا الجيل أن ينهض بهذه الأمة ، إن أردت أن تستمع الأخبار السارة للمسلمين لا بد من أن تبدأ بالصغار ، وأعود وأكرر الأطفال أطفالنا هم الورقة الرابحة الوحيدة التي في أيدينا ، إنهم المستقبل ، المتقدمون في السن هم الماضي ، والكهول هم الحاضر ، والصغار هم المستقبل ، فمن أجل أن تنجح تربية الأولاد في الإسلام لا بد من أن تربط الطفل مع الدعوة الإسلامية .




الحقيقة أول شيء يجب أن تعري هذه الحضارة المادية ، يجب أن تبين سلبياتها لئلا يتعلق الطفل بها ، قد يتعلق الطفل بها فينسى دينه ، الطفل همه السيارة ، والمركبات ، والطائرات ، والآلات ، والكمبيوتر ، وآلات التصوير ، يعني كيان الطفل كله هذه المخترعات ، أما حينما تربيه تربية دعوية ، تربيه أن يلتفت إلى الكون ، وما فيه من آيات باهرات ، تربيه أن يلتفت إلى القرآن وما فيه من منهج قويم ، إلى سنة النبي عليه أتم الصلاة والتسليم ، حينما تربط هذا الطفل بالدعوة العامة ، الدعوة العامة فيها هدم وفيها بناء ، ولن يقوم بناء إلا على هدم ، يعني مثلاً : أنت حينما تسمح أن يشاهد ابنك عملاً فنياً فيه بطل إيجابي ، هذا البطل يشرب الخمر ، ويختلط مع النساء ، وزوجته تمشي بلا حشمة إطلاقاً ، وهو البطل الأول في القصة ، فالطفل ماذا يصنع ؟ يعظمه على ما به من انحراف ، فالحقيقة أن مناهج التعليم ينبغي أن تكون مدروسة ، الأعمال الفنية ينبغي أن تكون مدروسة ، لأن الطفل أحياناً يتغذى بها ، فإن أردت جيلاً ينهض بأمته ، يحمل همَّ أمته ، يسعى للنهوض بأمته لا بد من أن تربطه بالدعوة الإسلامية ،  فالدعوة أحد أكبر وسائلها تعرية الكفر ، تعرية العلمانية ، تعرية العولمة ، تعرية الغرب ، طبعاً في إيجابيات ، والخمر فيها إيجابيات .
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا (219) ﴾
 ( سورة البقرة)
ما في إنجاز حضاري سيئ إلا وفيه إيجابيات ، نحن نبتعد عن الشيء إذا غلب شره على خيره .




الآن بعد أن تعري مجتمع الكفر ، مجتمع النفاق ، مجتمع المادة ، مجتمع القسوة ، مجتمع الكذب ، مجتمع الإباحية ، مجتمع الاختلاط ، مجتمع ترك العبادات ، مجتمع تعظيم الغرب :
(( كل نفس تحشر على هواها فمن هوى الكفرة فهو مع الكفرة و لا ينفعه من عمله شيئاً .))
[أخرجه السيوطي عن جابر]
بعد أن تعري هذا المجتمع لا بد من أن تبث الأمل ، أخطر مرض يصيب الأمة اليأس .
بربكم الفرنجة أقاموا في الشرق قرابة كم سنة ؟ تسعين عاماً واحتلوا القدس ، واحتلوا أنطاكية ، وحمص ، وحلب ، والشام ، ولو أننا أيقظنا أناساً من قبورهم عاشوا هذا الاحتلال ، وهذا القهر ، وهذا الطغيان ماذا يقول ؟ انتهى المسلمون ، لم يعد في أمل ، فلو علموا أن هؤلاء الفرنجة رحلوا معناها في أمل ، والآن الأعداء احتلوا ، كم مضى على احتلالهم ؟ ستون عاماً تقريباً ، خمسة وستون عاماً ، الفرنجة جلسوا تسعين عاماً وانتهوا ، التتار اقتحموا هذه البلاد ، يقول لك : برج الروس ، هل أنت منتبه لمعنى الاسم ؟ هولاكو بنى برجاً من الجماجم خمسين ألف جمجمة كانت على شكل هرم ، هذا هو برج الروس في منطقة القصاع ، جاء على هذه البلاد طغاة ، تيمورلنك ، هولاكو ، التتار ، الفرنجة ، الفرنسيون ، ورحلوا في النهاية ، والإسلام باقٍ ، والإسلام شامخ ، أهم شيء ألا ننهزم من الداخل ، الله له امتحانات عديدة ، من أصعب امتحاناته حينما يقوي الكافر ، يفعل ما يريد ، يملي إرادته على كل الشعوب ، معه قوة كبيرة جداً ، يملي عولمته ، يملي إباحيته ، يملي ثقافته ، يمنع الثقافات الدينية ، حينما يقوي الله الكافر لحكمة يريدها ، يقول ضعيف الإيمان أين الله ؟ هذا امتحان صعب جداً ، ففي مثل هذا الامتحان الصعب ينبغي أن يكون جزء من الدعوة إلى الله بث الأمل في النفوس ، يعني بعد تسعين سنة صعد الخطيب المسلم منبر المسجد الأقصى ، وألقى خطبة اهتزت لها رمال البيض ، بدأ بخطبته :
﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) ﴾ 
(سورة الأنعام )
نرجو الله سبحانه وتعالى أن يقطع دابر هؤلاء مرة ثانية .




اليأس دليل الكفر ، اليأس دليل الجهل ، اليأس هو يأس من رحمة الله .
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) ﴾ 
( سورة آل عمران )
وقال :
﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (140) ﴾ 
( سورة آل عمران)
لمَ لم يجعل الله المؤمنين أقوياء على مدى التاريخ ؟ قال تعالى :
﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (140) ﴾ 
( سورة آل عمران)
لو كان الأمر كذلك لأصبح أهل الأرض منافين للمؤمنين ، لكن في وقت إن أعلنت إسلامك تحاسَبْ ومع ذلك أنت مسلم ، هناك علماء يقولون : الإنسان يتدين عند الفقر فقط ، أو عند المرض ، أو عند القهر ، هناك أناس أقوياء متدينون ، هناك أناس أصحاء متدينون ، هناك أناس أغنياء متدينون ، فالله عز وجل يجعل الأيام دولة بين الناس :
﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ 
( سورة آل عمران الآية : 140 )




في عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم ينتصر في أحد ، ولم ينتصر في حنين ، فمن سنة الله الكونية أنه ينصر المؤمنين تارةً والكفار تارةً أخرى ، نحن جاء ترتيبنا في الحياة الكفار أقوياء جداً ، لذلك الأخبار من دون إيمان باليوم الآخر تسبب جلطة ، يموت الواحد سريعاً من دون إيمان باليوم الآخر ، الأخبار مزعجة جداً ، لكن أنا مهمتي كداعية ، مهمتي كمعلم ، مهمتي كأب أن أبث روح التفاؤل والثقة بالله عز وجل ، الأمر بيد الله وحده .
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ (123) ﴾ 
( سورة هود الآية : 123 )
هذا الطفل ينبغي أن يعتز بدينه ، أن يرى أن الأمر بيد الله لا بيد زيد أو عبيد ، الأمر بيد الله لا بيد وحيد القرن ، بيد الله وحده ، والله عز وجل حينما خلقني لم يسلمني إلى أحد ، لماذا يأمرني أن أعبده ، لماذا يقول لي :
﴿  وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ َاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ 
( سورة هود الآية : 123 )
 لأن أمري بيده فقط لا بيد سواه ، لو ذهبنا إلى بلد إسلامي ، يعني أراد بعض من كان على سدة الحكم أن ينهي الإسلام كلياً ، هل انتهى الإسلام ؟ لا ، لم ينتهِ الإسلام لأن الله عز وجل يقول : 
﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ (32) ﴾ 
( سورة التوبة )
أنت إذا رأيت إنساناً يحاول إطفاء الشمس بنفخة من فمه ، بماذا تتهمه ؟ الشمس ! إذا كان من سابع المستحيلات ، ولا واحد بالمليار ، ولا واحد بمليار مليار مليَار مليار يمكن أن يطفئ الشمس ، فكيف بإنسان يريد أن يطفئ نور الله عز وجل ، الإسلام باقٍ ، والإسلام يتنامى ، وعظمة هذا الدين أنه كلما قمعته ازداد قوة .




والله حدثني أخ قال لي : والله جاءتنا كمية مصاحف ، كمية غير معقولة ، وجاهزة ، محل كبير جداً بمركز إسلامي بأمريكا ، وفي عندنا مشكلة ، نحن في أمس الحاجة إلى مكان ، هذه المصاحف ليس عليها طلب بالمرة ، بعد أحداث أيلول لو عندنا عشرة أضعاف لم يبقوا ، لو عندنا مئة لم يبقوا ، إقبال على كتاب الله وعلى كتاب إسلامي بشيء لا يصدق .
الآن أخواننا الكرام في الظاهر الإسلام يحارب في كل مكان ، أما في الحقيقة الإسلام يتنامى في كل مكان ، الآن أسرع دين في النمو في العالم هو الإسلام ، كنت أستمع قبل يومين لإذاعة وأنا بمركبتي ، أن الإسلام في فرنسا ثاني دين ، ثلاثة وزراء مسلمين ،  خمسة أعضاء بالمجلس ، بالبرلمان ، والعالم الفلاني مسلم ، والعالم الفلاني مسلم ، والله شيء جميل ، لكن هذا الذي يتكلم قال : وراقصة الباليه الفلانية مسلمة أيضاً ، يعني يتباهى أنها مسلمة ، لم ينتبه إلى ما يقول ، بفرنسا الدين الثاني ، بأمريكا في عشرة ملايين مسلم يتزايدون ، لا يوجد دين ينمو بسرعة كالإسلام ، يقدم لك صورة دقيقة متناسقة عن الكون والحياة والإنسان ، يعطيك منهجاً موضوعياً ، منهجاً لا يقوم على التعصب ، منهج الإسلام إنساني ، ليس عنصرياً ، يعني أحياناً أنت تؤخذ بدولة تعتني بشعبها عناية تفوق حد الخيال ، لكنها تذبح الشعوب ، هل تحترمها ؟ لا والله ، هذه دولة عنصرية ، يزرع للكلب مفصل ، الآن عندنا زراعة مفصل شيء غالٍ جداً ، يعني بمئات الألوف ، المفصل ثمنه مئة ألف ، يزرع للكلب مفصل ، يزرع للكلب سن ، يبدل شريان لقلب كلب ، للكلب طبيب نفسي لأن معه كآبة .
دخل واحد إلى سوق ، سوق فخم جداً ، لم يصدق هذه المعلبات الفخمة ، فملأ سلته من هذه المعلبات ، وهو يحاسب ، سألته الموظفة : أعندك كلب ؟ قال : لا ، قالت : أرجعه هذا كله طعام للكلاب .
في تفوق كبير ، فينبغي أن تبث في روح أولادك إن كنت أباً ، وروح طلابك إن كنت معلماً ، وروح أخوانك إن كنت داعية أن هذا الإسلام هو دين الله ، وأن الله لا يتخلى عنه أبداً ، وأنه ينصره بطريقة عجيبة .




لابدّ من أن تربط ابنك ربطاً دعوياً .
1ـ يجب أن تعري هذه الحضارة الإباحية التي أساسها المال والجنس :
أولاً : يجب أن تعري هذه الحضارة ، يعني مثلاً أنا قرأت في الانترنت أن سفير دولة عظمى هي قطب العالم الأول ، سفيرها في بوخارست لا بد من أن يقام له حفل لوداعه وإعطائه أوراق الاعتماد ليقدمها للدولة التي هو فيها سفير ، والعادة أن هذا الحفل مختلط ، يعني المدعو مع زوجته ، فالمفاجأة أن هذا السفير لدولة عظمى معه شريكه الجنسي ، رجل شاذ ، فهذا ينبغي أن يعرى ، لا بد من أن تقول : الوزير الفلاني يقول عن نفسه أنه شاذ جنسياً ، لا بد من أن تعري هذه الحضارة ، حضارة إباحية ، حضارة أساسها المال والجنس ، يعبدون المال والجنس من دون الله ، هذه الحضارة ، هذه الحضارة صالحة للدنيا فقط ، عند الأغنياء من الناس ، لا عند الضعفاء والفقراء ، لكن الذي يفعل فعلهم سوف يلقى حساباً عسيراً يوم القيامة .
شيء ثانٍ : ماذا يعني أن تربط هذا الطفل إن كان طالباً في المدرسة ، أو كان ابناً في البيت ، أو كان طالب علم في المسجد ، ماذا يعني أن تربطه بالدعوة ، يعني لا بد من قدوة ، لا بد من مرجعية ، لذلك أحد أساليب كيد الشيطان تحطيم المثل كلها ، يعني في محطات فضائية بالنهاية ما في إنسان إلا خائن ، ما في إنسان إلا عميل ، هذه المحطة تُمَوَّل بمال الموساد من أجل تحطيم المثل ، لا يبقَ مثل أعلى ، لا بالحقل السياسي ولا بالديني ولا أبداً ، كله سلسلة فضائح ، فما لم يكن للمجتمع رأس مرجعية ، قدوة .
أنا أضرب مثلاً من واقع الحياة ، أب جالس فجاء ابنه الصغير وقال له : بابا هكذا قالت المعلمة ، فقال الأب : معلمتك لا تفهم ، أنا أقول أن الأب قد أجرم بحق الابن فهي معلمته ، الطفل يشاهد معلمته كبيرة جداً ، الأب لم ينتبه ، هذه القصص كثيراً ما تحدث ، لا ينتبه يسب فلاناً ، يسب فلاناً والأب مرتاح ، أنت حطمت مُثلاً ، أنا لا أقول لك المعلمة معصومة ، لا ، ولا المعلم معصوم ، أحياناً قد يكون شاباً طائشاً شارداً غارقاً بالمعاصي والآثام ، الله يهديه لجامع ، أي جامع أنتم ؟ الجامع الفلاني لا يفهمون شيئاً ، هؤلاء كلهم مجانين ، هكذا حطمه ، والله في آباء يتكلمون كلمات والله هي كلمات الشيطان دون أن يشعروا ، أنا لا أضرب أمثلة كثيرة لكن فهمكم كفاية ، تحطيم المثل كلها من عمل الشيطان ، في أناس صالحون ، في أناس مخلصون ، وفي أناس كرماء ، وفي أناس ورعون ، وفي أناس منضبطون ، تقول لا أحد جيد ؟ هذا كلام فارغ ، كلام الشيطان ، أنا بهذا لا أدافع ولا أمدح لكني لا أصدق أن تخلو الأرض من صالح ، ولا تخلو الأرض من جهة مخلصة ، ولا تخلو الأرض من جهة مضحية ، بكل زمان من قال : هلك الناس فهو أهلكهم ، هو أشدهم هلاكاً ، هم ليسوا هالكين ، لكن أهلكهم هو .




يا أيها الأخوة ربط الطالب في المدرسة ، والابن في البيت ، وطالب العلم في المسجد ، ربطه أولاً بالدعوة الإسلامية ، هذه الدعوة تقوم على تعرية الطرف الآخر ، لا بد من هدم قبل البناء والدليل :
﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾ 
( سورة البقرة )
أساساً ما جرى من أحداث جسام في هاتين السنتين من أجل أن نكفر بالطاغوت ، لأن الطاغوت كان بيننا وبين الله ، كان حجاباً بيننا وبين الله ، لقد أعانونا على أن نكفر بهم ، وهذا أكبر إنجاز ، أعانونا على أن نكفر بهم ، لقد سقطوا في الوحل ، هذا أول شيء أن تعري الطرف الآخر الطرف الكافر .
2ـ يجب أن تبث روح الأمل :
الشيء الثاني : أن تبث روح الأمل ، التتار دحروا ، والفرنجة دحروا ، والفرنسيون دحروا ، وكل طاغية له بضعة أيام وتنتهي ، والكتلة الشرقية انتهت ، بمعجزة انتهت ، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن تتبعها هذه الجهة الغربية أيضاً لتكون عبرة للناس ، يعني الله عز وجل لا يسمح لأحد أن يتأله ، لا يسمح لأحد أن يقول :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
( سورة النازعات )
لا يسمح لأحد أن يقول :
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (38) ﴾ 
( سورة القصص)




في جهة بشرق آسيا عندها سلاح نووي ، طردت المفتشين ونزعت الكاميرات ، وقالت : عندي سلاح نووي ، ولن ألغيه وافعلوا ما شئتم ، انضمت إليها دولة عظمى فأصبحت في وضع محرج الآن ، يعني ما في إنسان يتأله الله كبير .
فيا أيها الأخوة بث روح الأمل ، الله عز وجل :
﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) ﴾
( سورة الكهف )
وقال :
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ﴾
( سورة إبراهيم )
وقال :
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) ﴾
( سورة آل عمران )
الشيء الثاني : التعرية ، وبث روح التفاؤل ، ثم الربط بمرجعية معينة ، الإنسان له مرجع ، الأخطاء الفاحشة من أين تأتي ؟ من اجتهاد شخصي .
(( الجماعة رحمة ، والفرقة عذاب )).
[ رواه الإمام أحمد والطبراني عن النعمان بن بشير]
(( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد )).
[أخرجه أحمد والترمذي والحاكم عن عمر ]
(( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية  )).
[رواه أبو داود عن أبي الدرداء ]




ليس من صالحك أيها الأب أن تحطم المثل أمام ابنك ، لو في خطأ من المعلم اجعله بينك وبينه ، اذهب إليه ، والتمس منه أن لا يفعل هذا مع ابنك ، أما كلما بلغك عن معلم ، أو عن داعية ، أو عن مرشد شيء ما راق لك ، أو نقل لك خطأ ، أو لم تستوعبه ، ألقيت عليه حمماً من السباب والشتائم ، أنت ماذا فعلت ؟ أنت حطمت المرجعية ، حطمت المثل الأعلى ، أنا لا أدافع عن هؤلاء الذين يخطئون ، أنا دقيق جداً ، لا أدافع عنهم لكن لا أرضى عن هذا السلوك ، كلما نقل لي خبر ما راق لي أصب جام غضبي على هذا الإنسان .
شيء آخر مثلاً الطبيب يظهر أنه إنسان أولاً ، دخل الجامعة بمجموع عالٍ جداً ، معناها على مستوى عالٍ من الذكاء ، ودخله كبير ، ويسمح له دخله أنه يكون بيته فخماً ، ومركبته جيدة وله مكانة ، ودكتور ودَكتور ، فكلما سألت طفلاً بالحضانة : ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل ؟ يقول لك : دكتور ، المجتمع يقدِّر هذه المهنة .
مرة موجه تعليم ابتدائي ذهب إلى بلدة حدودية ، فحسب السؤال التقليدي سأل أحد الطلاب قائلاً : يا بني أنت ماذا تحب أن تكون حينما تكبر ؟ قال له : مهرب يا أستاذ ، يبدو المهرب هناك ذو شأن كبير .
هذا الطفل ما الذي يطمح إليه ؟ أنت حينما تربطه بالدعوة ربما قال لك : أحب أن أكون داعية يا أستاذ ، إذا ربطته بالدعوة ورأى الدعاة شخصيات فذة ، شخصيات نزيهة ، واعية جداً ، مطبقة جداً ، مخلصة ، بعيدين عن الدنيا ، همهم نشر هذا الدين ، حمل هم المسلمين ، في أناقة ، في ثقافة عصرية ، في فهم ، في لطف ، يعني أنا أقول لكم هذه الكلمة سيد الخلق ، حبيب الحق ، سيد ولد آدم ، سيد الرسل ، يوحى إليه ، معه المعجزات ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، أجمل خلق الله أجمعين ، أفصح خلق الله أجمعين ، أشدهم خشية لله ، أشدهم رحمة لله ، وهو على كل هذه الخصائص والميزات والفضائل قال له : يا محمد :
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (159) ﴾ 
( سورة آل عمران)
على كل هذه الخصائص ، فإذا كان واحد لا هو نبي ، ولا رسول ، ولا معه وحي ، ولا معه معجزات ، ولا هو فصيح ، ولا هو جميل ، ما عنده رحمة ، وغليظ ، لمَ هذه الغلظة ؟!! ذلك أن أنصاف الدعاة تختلط عندهم أخلاق الدعوة مع أخلاق الجهاد في سبيل الله .




الله عز وجل قال :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (73) ﴾
( سورة التوبة الآية : 73 )
هذه أين ؟ في ساحة المعركة ، في ساحة المعركة ما في عفواً أكون قد أزعجتك للعدو ، أرجو أن تسامحني ، في قتل ، ساحة المعركة ﴿ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ هذا في ساحة المعركة فقط ، أما في الحياة المدنية :
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) ﴾
[سورة فصلت]
(( من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف  )).
[ أخرجه البيهقي عن ابن عمرو ]
قال تعالى :
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (159) ﴾
( سورة آل عمران)
قال تعالى :
﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) ﴾
( سورة طه )
فرعون وما أدراكن ما فرعون ، الذي قتل أبناء بني إسرائيل ، الذي استحيا نساءهم ، الذي قال :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
( سورة النازعات )
الذي قال :
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (38) ﴾ 
( سورة القصص الآية : 38 )




قال تعالى :
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ﴾
( سورة طه )
قال تعالى :
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ (22) ﴾
( سورة النور)
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ (22) ﴾ 
( سورة النور)
أخلاق الدعوة غاية اللطف ، غاية الود ، غاية التواضع .
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) ﴾ 
( سورة سبأ )




الآن مع الطرف الآخر ، دققوا :
﴿ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ﴾
( سورة التوبة الآية : 7 )
الطرف الآخر ينبغي أن تزوره ، أن تقدم له هدية ، أن تهنئه بالمولود ، أن تعاونه ، فإن كان غير مسلم ! هكذا القرآن :
﴿ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ﴾
( سورة التوبة الآية : 7 )
قال تعالى :
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) ﴾
( سورة الممتحنة )
هذه آية ثانية : 
﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) ﴾ 
( سورة المائدة )




هذه أخلاق الدعوة ، الداعي كله لطف وأدب وتواضع وموضوعية ومسامحة وعفو ، فينبغي أن تظهر فضيلة الدعوة إلى الله ، ينبغي أن تعلم أبناءك ، وأن تعلم طلابك ، وأن تعلم أخوانك ، أنه ما من إنسان أعظم عند الله على الإطلاق :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾
( سورة فصلت )
والدليل آية : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً ﴾ أي ليس في الأرض من هو أفضل عند الله : ﴿ مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ .
(( فَوَ اللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ )).
[ أخرجه البخاري ومسلم عن سهيل بن سعد رضي الله عنه ]
(( لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت )). 
[ أخرجه الطبراني عن أبي رافع ]
ينبغي أن تبين لهذا الطفل حتى لا يقول : أريد أن أصبح مهرّباً ، بل يقول : سأصبح داعية ، يجب أن تبين له عظم هذه المهمة .
أخواننا الكرام ، بشكل دقيق جداً هذا أهم ما في الدرس ، الحقيقة هناك دعاة إلى الله متفرغون ومتعمقون ومتبحرون ، هؤلاء تحت قوله تعالى :
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ (104) ﴾ 
( سورة آل عمران الآية : 104 )




لكن هناك دعاة ليسوا متفرغين ولا متعمقين ولا متمكنين ، هؤلاء طلاب العلم ، هؤلاء يجب أن يكونوا دعاة إلى الله ولكن في حدود ما يعلمون ومع من يعرفون ، هذه الدعوة إلى الله هي فرض عين على كل مسلم ، الدليل :
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾
 ( سورة العصر )
التواصي بالحق أحد أركان النجاة .
(( بلغوا عني ولو آية )).
[ أخرجه أحمد والبخاري والترمذي عن ابن عمرو ]
إذاً ينبغي أن تبين لابنك أو لطالبك أو لأخيك في المسجد ، لن تكون مسلماً حقاً إلا إذا دعوت إلى الله " بلغوا عني ولو آية " في حدود ما تعلم ومع من تعرف .
إذا حضر أحدكم خطبة وتأثر فيها لو جعل لقاءاته مع أقربائه مع أصدقائه مع جيرانه في هذا الأسبوع موضوع اللقاء هذه الخطبة ، نشر الحق ، كلما نمت دوائر الحق ضيَّقتْ على دوائر الباطل ، وكلما نمت دوائر الباطل ضيقت على دوائر الحق .
لكن أيها الأخوة ، والله هذه كلمات مهمة جداً ، لا يمكن أن تكون داعية جاهلاً ، ما لك متمكن ، قال له طلعوا على الشمس ، كلهم يتكلمون بالعلم ، وأنا أحكي بالعلم ، قال له طالب : سيدي الشمس لسان اللهب طوله مليون كم ، كيف طلعوا على الشمس ؟ قال له : بالليل طلعوا .
يجب أن تكون متمكناً من العلم الذي تلقيه ، بالعلم ما في حل وسط يجب أن تكون متمكناً من العلوم الدينية  والعصرية ، أما طالب متفوق يقول لك عما يخبص ، كل أرقامه غلط ، ما له فهمان الموضوع ، انتهيت عنده أنت ، لو كنت ولياً انتهيت عنده ، فكل داعية ينبغي أن يكون عالماً  لكن ما كل عالم بداعية ، الدعوة فن ، لكن موادها الأساسية العلم ، الدعوة كسوة بناء ، قد يكون رخاماً ، قد يكون بلوراً ، قد يكون ، أما الأساس هيكلها الأسمنتي ، هذا هو العلم ، ممكن العلم ينقل بأسلوب أدبي ، بقصة ، بفكرة  بحكمة ، بتسلسل معين ، بلغة فصيحة ، بعبارات أدبية ممكن ، الدعوة يمكن أن تلبس ثوباً أدبياً جميلاً ، أما لا بد للداعية من أن يكون عالماً .




الشيء الثاني ، لا بد للداعية بعد أن يكون عالماً أن يكون مطبقاً لعلمه ، حدثني طالب علم شرعي سمع درساً عن التواضع ، يعني شيء رائع جداً ، تسلسل الموضوع والآيات والأحاديث والسيرة ، وشيء من أفعال الصحابة ، وشيء من العلماء ، محاضرة قيِّمة جداً ، بعدما انتهت المحاضرة ، الذي ألقى المحاضرة جلس جلسة كبر ، هذه المحاضرة سقطت ، لأن الذي تحدث عن التواضع لم يكن متواضعاً ، فلا بد من أن تكون عالماً ، وأن تكون مع العلم عاملاً ، عالماً عاملاً .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) ﴾
( سورة الصف )
وقال :
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (44) ﴾
( سورة البقرة الآية : 44 )
قال له : أثناء الأذان شربت ، قال له : لقد فطرت ، عليك إعادة صوم هذا اليوم ، فلمحه وهو يشرب أثناء الأذان ، قال له : في فتوى ، يجب أن تأخذ بالعزائم وأن تفتي بالرخص ، ليس العكس ، ليست الرخص لك والعزائم للناس ، يجب أن تأخذ بالعزائم وأن تفتي بالرخص .
الآن أن يكون المنكر مجمعاً على إنكاره ، يعني أنت مثلاً تعتقد أن مس يد المرأة يفسد الوضوء ، عند أختك مثلاً قام صهرك ليصلي مس يد زوجته وهي تناوله شيئاً ما ، تقول له : صهري عليك إعادة الوضوء ، أنت شافعي هو ليس شافعياً ، لا تنكر إلا ما أجمع العلماء على إنكاره ، إذا في أراء مختلفة ، قضية خلافية لا ينبغي أن تنكرها ، هذا خطأ كبير جداً ، هو يعتقد أن هذا الشيء سنة مؤكدة ، بغير مذاهب سنة عادية ، فإذا رأى إنساناً ليس على شاكلته ينكر عليه أشد الإنكار ، ضيق أفق ، تفرقة بين المؤمنين .




قال تعالى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ (159) ﴾ 
( سورة الأنعام الآية : 159 )
لا تنكر إلا ما أجمع المسلون على إنكاره ، أما قضية خلافية ينبغي ألا تنكرها ، وأن يكون الداعية إلى الله لطيفاً ، رقيقاً ، رقيق الحاشية ، لطيف المعشر ، يألف ويؤلف :
(( ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف )). 
[الحاكم والبيهقي والخطيب عن أبي هريرة]
يعني مثلاً وهو يتعلم التجويد الغنة لم يعرف كيف يلفظها جيداً فإذا بمن يعلمه يضربه ، هذا لا يجوز ، لا يجوز أن تستخدم العقاب الجسدي إذا لم تتقن حكماً بالتجويد :
(( علموا ، ولا تعنفوا ، فإن المعلم خير من المعنف )). 
[ أخرجه الحرث ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة ]
هذا الداعية أيضاً يجب أن يصبر على الأذى ، للإنسان حقوق ، أحياناً يجب على الداعية أن يسكت عن بعض حقوقه حفاظاً على الدعوة .
أيها الأخوة أعيد وأكرر إن أردت لهذه الأمة أن ترتقي ، إن أردت لهذه الأمة أن تنهض يجب أن تربط هذا الجيل لا بلاعبي الكرة ، ولا بالممثلين ولا الممثلات الأحياء منهم والأموات ، يجب أن تربطه بالدعاة ، وبأصحاب رسول الله ، وبالعلماء العاملين ، وأبطال الأمة الميامين ، هذا هو الربط ، فيجب أن تربط ابنك بالدعوة حتى إذا كبر أو حتى إذا أصبح رجلاً يطمح أن يكون داعية .
إن شاء الله في اللقاء القادم والدرس القادم نتحدث عن ربط الطفل بقواعد الرياضة وقواعد الصحة العامة لأنها أساس الجسم السليم الذي هو وعاء للعقل السليم .
والحمد لله رب العالمين






اترك تعليقك

    Powered By Blogger